قراءة قانونية في انحلال العقد

الملخص

لما كان انحلال العقد يعني رفعه مع آثاره, فلا بد من وضع حد بينه وبين ما يعدّه البعض من مصاديقه, كانقضاء العقد وانتهائه وإنهائه, فانقضاء العقد  يعني تنفيذ ما انشأه من التزامات, وبهذا فإن التنفيذ لا يعني الانحلال لبقاء العقد مصدراً لما حصل عليه كل طرف بموجبه .

أما الانتهاء فيخص العقود المستمرة التنفيذ (الزمنية) التي تنتهي بانتهاء مدتها، وهذا يخرج عن دائرة الانحلال لبقاء آثارها قبل انتهائها. وفي حالات إنهاء العقد كلام, فإنهاء العقد يتم إما بفسخه أو بإقالته أو بإرادة أحد طرفيه . والفسخ في العقود الفورية التنفيذ يعد انحلالاً للعقد الا أنه ليس كذلك في العقود المستمرة التنفيذ لعدم إمكانية الرجوع عمّا تم تنفيذه منها لارتباطها بالزمن, وما مر من الزمن لا يمكن أن يعود. أما الإقالة فهي وإن كانت انحلالاً للعقد بوصفها رفعاً له، فإن المشكلة تكمن في تكييفها المزدوج, فاعتبارها فسخاً بين المتعاقدين وعقداً جديداً في حق غيرهما يدعونا الى إخراجها من دائرة الانحلال في الحالة الثانية, فالعقد الجديد يعني عدم رفع العقد السابق بل تأكيده والاستناد اليه, وهذا يدعونا الى التساؤل, كيف يكون العقد منحلاً بفسخه بين المتعاقدين مع بقائه قائماً في حق الغير؟

وقد ينهي أحد الطرفين العقد بإرادته المنفردة, وفي هذا تفصيل أيضا, فهو في العقود غير اللازمة بطبيعتها لا يعد انحلالاً للعقد لبقاء آثارها قبل الانهاء, اما إنهاء العقود المقترنة بأحد الخيارات فيدخل في دائرة الانحلال على التفصيل الذي رأيناه.

من خلال متابعتي لرسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه في كثير من الجامعات, وجدت أن بعض الباحثين الكرام يجمع انقضاء العقد وانتهائه وإنهائه تحت عنوان "انحلاله" , معتقداً أنها كلمات مترادفة يقوم بعضها مقام بعض في المعنى والمبنى, دون أن ينتبه إلى أن لكل منها مدلولاً مختلفاً, فالانحلال غير الانقضاء, والانقضاء غير الإنهاء، والإنهاء غير الانتهاء, ولذا حاولنا في هذه القراءة البسيطة ان نؤشر أهم الفوارق بينها من خلال بيان حقيقة ما تعنيه كل منها وفق ما نراه, دون أن يكون ذلك بالضرورة موافقاً أو مخالفاً لآراء الاخرين في هذا المجال, فلكلٍ منا رايٌ محترمٌ فيما سيُطرح. آملين أن يحظى هذا الموضوع بالاهتمام اللازم لتصحيح مساره بما يتوافق مع حقيقته. ومن أجل أن تكون هذه القراءة واضحة بسيطة سنخصص لكل مفردة من المفردات أعلاه فقرة مستقلة.