التفويض التشريعي كفكرة دستورية لتقوية السلطة التنفيذية في العراق -رؤية لإصلاح النظام الدستوري-
DOI:
https://doi.org/10.61353/ma.0090187الملخص
أولاً: التعريف بموضوع البحث واشكاليته:
تقوم الدولة القانونية الحديثة على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقتضي ان يقسم العمل على هيئات الدولة الثلاث مع تعاونها تعاوناً تبادلياً لإنجاز مهامها الدستورية، وهذا المبدأ اقتضى أن تختص السلطة التشريعية بمهمة تشريع القوانين وقيام السلطة التنفيذية بتنفيذ تلك القوانين, دون الخروج عن مقتضاها وعن حدودها القانونية اضافة الى تمسك تلك السلطتين بأحكام الدستور.
غير أن التطور الدستوري الحديث الذي تتابع مع التطور الاقتصادي والإيدلوجي لفكرة الدولة وقيام سلطاتها بمهامها الدستورية, أدى ذلك الى ايجاد منحنى جديد لفكرة الفصل بين السلطات, إذ ترد على هذا المبدأ مجموعة من الاستثناءات في ميدان عمل مؤسسات الدولة, ومن أهم تلك المنحنيات القانونية, هو قيام السلطة التنفيذية بوضع قواعد قانونية عامة ومجردة دون الاكتفاء بالتنفيذ فقط, وهذه التشريعات أخذت صوراً متعددة, فبعضها اشترط المشرع الدستوري فيه صراحةً أن يصدر في ظل الظروف الاستثنائية او الظروف الطارئة، وبعضها الآخر لم يشترط فيه المشرع الدستوري أن يصدر في ظل هذه الظروف بل اكتفى بوجود ظروف وحالات تستدعي قيام السلطة التنفيذية بهذه الوظيفة, وهي بذلك –أي السلطة التنفيذية- ستعمل على ايجاد تشريعات تتقابل وتتوازى في قوتها القانونية مع التشريعات التي تصدر عن البرلمان.
بذلك أضحت السلطة التنفيذية تمارس العمل التشريعي بصورة دستورية دون أن تفتي على اختصاص السلطة التشريعية الأصلي بتشريع القوانين, ومما يلاحظ في هذا الصدد أن المشرع الدستوري انما يمنح السلطة التنفيذية هذا الاختصاص لمجموعة من المبررات والمسوغات القانونية التي تجعله يودع مهمة التشريع لدى السلطة التنفيذية, وبذلك يغدو مركز السلطة التنفيذية في حالة قوة ازاء مركز السلطة التشريعية، لأن كلتا السلطتين ستتمكن من وضع قواعد عامة مجردة, ولكن لكل منها نطاق معين ومحدد بنص الدستور.
إن تقوية السلطة التنفيذية يعد من أهم السمات الاساسية للأنظمة السياسية المعاصرة ؛ إذ من غير المستساغ ان تكون السلطة التنفيذية في حالة ضعف, كونها السلطة المطلوب منها حفظ النظام العام وتسيير المرافق العامة وتقديم الخدمات لعموم الجمهور, وهذا لا يتحقق الا اذا كانت هذه السلطة متمتعة بالعديد من الصلاحيات والاختصاصات ذات السند الدستوري, دون ان تكون مطلقة التصرف في هذه الاختصاصات, اذا انها تخضع الى مجموعة من الضوابط ومن صور الرقابة التي ينص عليها الدستور. وإزاء الهندسة الدستورية القائم عليها الدستور العراقي لعام 2005 ومركز السلطة التنفيذية فيه فإن اللجوء الى فكرة التفويض التشريعي تغدو أكثر قبولاً في الأوساط السياسية والدستورية, لطالما كان الهدف منه تدعيم عمل السلطة التنفيذية التي يُشترط في ممارستها لأعمالها دائماً أن تحقق المصلحة العامة.
ثانياً: هيكلية البحث:
يقوم بحثنا هذا على مبحثين أساسيين ووفق الآتي:
المبحث الاول: التفويض التشريعي وفق أصوله الدستورية العامة.
المبحث الثاني: رؤية دستورية في ضرورة التفويض التشريعي.
التنزيلات
منشور
إصدار
القسم
الرخصة
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.